Advertisement
Advertisement

سطات… المنطقة الصناعية التي تحولت إلى أطلال..

رضوان منفلوطي السبت 2 أغسطس 2025 - 10:08

مدينة الفرص الضائعة: من مصانع كبرى إلى بطالة وصراعات محلية

من كان يتصور أن مدينة سطات، التي طالما حلمت بأن تكون قطبًا اقتصاديًا وصناعيًا على مستوى جهة الشاوية ورديغة سابقا، والتي تحولت فيما بعد الى جهة الدار البيضاء – سطات، ستجد نفسها اليوم أمام مشهد صادم؛ منطقة صناعية شبه خالية، مصانع أغلقت أبوابها تباعًا، ومشاريع كبرى تعثرت قبل أن ترى النور. مدينة تتوسط قلب المغرب، وتربط شماله بجنوبه، لكنها تبدو وكأنها خرجت من خريطة الاستثمار، تاركة خلفها أسئلة حارقة حول المسؤولية، وحول ما إذا كان ما يحدث نتيجة إهمال متعمد، أم فشل في الرؤية والتدبير.

مصانع توقفت… وأسر فقدت مصدر رزقها..

سطات لم تكن مجرد نقطة عبور، بل كانت إلى وقت قريب موطنًا لمؤسسات صناعية كبرى شكّلت عصب الاقتصاد المحلي. من بين أبرزها كان:

• مصنع “كريسطال سطراس”: رمز لمجموعة صناعية كانت جد رائدة ومنقدة لحياة مجموعة كبيرة من العائلات بالمدينة ونواحيها، عرف نزاعات نقابية حادة قبل أن يتوقف عن الإنتاج، فيقفل، تم يقبر..

• مصنع “سيطافيكس”: الذي أعلن في 8 أبريل 2025 عن إغلاقه جزئي، قد يترك أكثر من 500 أسرة أمام المجهول رغم توفر طلبيات وإمكانيات للإنتاج..

هذه الإغلاقات ليست مجرد أحداث عابرة، بل مؤشرات على انهيار منظومة اقتصادية كانت من المفترض أن تمنح المدينة فرصًا للنمو، فإذا بها تدفعها إلى دائرة البطالة والتهميش.

الأسباب… أزمة رؤية قبل أن تكون أزمة موارد

الأزمة الصناعية بسطات لا يمكن اختزالها في نقص التمويل أو ضعف السوق فقط، بل هي في جوهرها نتيجة لغياب رؤية اقتصادية متكاملة؛

1. انعدام التخطيط الاستراتيجي : المنطقة الصناعية لم تُسوَّق بالشكل الكافي لجذب المستثمرين، ولم تُواكبها بنية تحتية ولوجستية متطورة كما هو الحال في مدن منافسة.

2. تعثر المشاريع الكبرى : مثل مشروع “ديتما” الصناعي على مساحة 400 هكتار، الذي توقف عند نسبة إنجاز 60%، وظل حبيس الملفات الإدارية.

3. تهميش المستثمر المحلي : شكاوى متكررة من مقاولين شباب وفاعلين محليين من غياب الدعم وتفضيل مستثمرين من خارج الإقليم على حساب الطاقات المحلية.

محاولات إنعاش لم تكتمل

رغم توقيع اتفاقيات منذ 2024 لتطوير مناطق صناعية جديدة، ظل التنفيذ بطيئًا، ولم يظهر أثره على أرض الواقع. وحتى المشاريع التي دُشنت مؤخرًا، مثل منطقة “أهل لغلام” بسطات، تحتاج إلى خطط جادة للتسويق وجذب المستثمرين حتى لا تتحول بدورها إلى مناطق صناعية “على الورق”.

اقتراحات لإعادة الروح للصناعة بسطات

إنقاذ سطات من هذا الوضع يتطلب قرارات عملية وشجاعة:

• إعادة تشغيل المصانع المتوقفة عبر شراكات بين القطاع العام والخاص، أو تحويلها إلى مشاريع إنتاجية بديلة.

• إطلاق حملات ترويجية دولية لتسويق مؤهلات المدينة الصناعية واستقطاب الاستثمارات.

• إعطاء الأولوية للمستثمر المحلي وتوفير الدعم المالي واللوجستي والتقني له.

• إعادة النظر في إدارة المنطقة الصناعية من خلال هيئة مستقلة تُعنى بالتطوير والتسويق والمتابعة.

• تحييد الخلافات والصراعات السياسية التي تحولت إلى عائق أمام أي مبادرة اقتصادية حقيقية.

كلمة أخيرة.. إلى من يهمه الأمر

ما يحدث في سطات اليوم ليس قدرًا محتومًا ولا لعنة اقتصادية، بل نتيجة مباشرة لتراكم الإهمال وسوء التدبير وغياب الرؤية. لا يمكن لمدينة بهذا الموقع وهذه المؤهلات أن تتحول إلى أطلال صناعية ومجرد محطة عبور نحو مدن أخرى. إن المسؤولية هنا واضحة، ولا تحتاج إلى لجان لتقصي الحقائق بقدر ما تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وقرارات جريئة تُعيد الروح إلى شرايين الاقتصاد المحلي. فالتاريخ لا يرحم، وذاكرة الناس لا تمحو بسهولة من كان سببًا في إغلاق المصانع وتشريد الأسر، كما لا تنسى من نهض بالمدينة وجعلها تستعيد مكانتها. الكرة الآن في ملعب من بيدهم القرار… فإما أن يُكتب لسطات فصل جديد من النهوض، أو أن تُترك لتغرق أكثر في صمت الهزيمة.

Advertisement
تابعوا آخر الأخبار من قالب الفابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من قالب الفابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من قالب الفابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 16:41

BLS تطلق برنامجا استثماريا بقيمة 2.1 مليار درهم في مجال الخدمات اللوجستية-فيديو

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 16:24

اﻟﺒﺮﻳﺪ ﺑﻨﻚ ﻳﺤﺼﺪ 3 أﻟﻘﺎب ﻓﻲ “Les Impériales 2025”

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 16:08

من بين مواضيعه الزراعة المستدامة.. طنجة تحتضن منتدى “WEFE Nexus” في نسخته الثانية

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 15:51

مرجان تتوج بجائزة “النكهة المعتمدة والمسؤولة لسنة 2025” عن منتجي “عسل الزعتر” و”الجوز البلدي” ضمن سلسلة منتجات FILIERE M