
بثت القناة الثانية 2M مساء أمس برنامجاً خاصاً حول الاحتجاجات الشبابية التي تجتاح مختلف مدن المغرب، في لحظة سياسية دقيقة تتطلب كثيراً من الإنصات وقليلًا من الخطاب الجاهز. اللقاء، الذي أدارته الصحفية المقتدرة سناء رحيمي، جمع بين أساتذة جامعيين، وممثل عن الحكومة في شخص كاتب عام، والشاب حمزة الفضيل الذي كان محور النقاش وأبرز أصواته.
ممثل الحكومة… لغة الأرقام مقابل لغة الشارع
فيما حاول ممثل الحكومة الدفاع عن موقفه عبر لغة الأرقام واستعراض المؤشرات الاقتصادية والمشاريع المستقبلية، بدا وكأنه يقدّم برنامجاً انتخابياً بعيداً عن حرارة الشارع وأصوات الشباب. لغة الأمل والأرقام، رغم أهميتها، لم تقنع الجمهور الذي ينتظر أجوبة ملموسة وحلولاً فورية لمشاكل التعليم، الصحة، والبطالة.
حمزة الفضيل… صوت جيل غاضب لكنه واثق
في المقابل، كان الشاب حمزة الفضيل مختلفاً تماماً؛ فقدّم مداخلات متزنة، عكست وعياً سياسياً واجتماعياً متقدماً، جعلته يخطف الأنظار داخل البلاطو وخارجه. تدخّلاته ركّزت على تحميل الحكومة مسؤولية إخراج الناس إلى الشارع، مؤكداً أن المغرب لا يحتاج إلا إلى شبابه وكفاءاته، وأن المرحلة تفرض التجديد والجرأة في اتخاذ القرارات.

لحظة قلبت الموازين
غير أن اللحظة التي ستظل عالقة في ذاكرة المشاهدين، والتي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، كانت عندما توجهت الصحفية سناء رحيمي بسؤال مباشر إلى حمزة:
“حمزة، نفتارضو نتا مسؤول… شناهي الحلول لي غاتقدم؟”
ليأتي رد الشاب سريعاً وصادماً في آن واحد:
“أولاً غانحشم على عرضي وغانقدم استقالتي“.
ردّ قصير، لكنه عميق الدلالة: فهو يعكس أن أولى خطوات المسؤولية هي الاعتراف بالفشل والتنحي بشرف، وهو درس سياسي بليغ في زمن باتت فيه الاستقالة حدثاً نادراً.

الإعلام… بين الجرأة والوظيفة الرقابية
لم يقتصر دور البرنامج على نقل مواقف الشباب، بل كان أيضاً مناسبة للإعلام كي يمارس وظيفته الرقابية. فالمقدمة سناء رحيمي، بجرأتها، لم تتردد في كشف صعوبة تواصل الصحفيين مع الوزراء، قائلة إنهم يظهرون فقط في التدشينات بينما يتهربون من الإجابة عند الأزمات. تصريحٌ كشف جزءاً من أزمة الثقة بين الإعلام والمؤسسات الرسمية، وفتح نقاشاً موازياً حول حق المواطن في المعلومة.
خلاصة
ما حدث على شاشة 2M لم يكن مجرد نقاش تلفزيوني، بل صورة مكثفة لجدلية الشارع والسياسة والإعلام في المغرب. الشباب، ممثلاً في حمزة الفضيل، قدّم خطاباً صريحاً يطالب بالكفاءة والتجديد، فيما واصل ممثل الحكومة التمسك بلغة الأرقام. وبينهما، لعب الإعلام دور الوسيط، مسلطاً الضوء على أسئلة المواطن العادية التي تتحول، عند غياب الجواب، إلى احتجاج في الشارع.
الرسالة واضحة: جيل جديد يفرض منطقه، والإعلام يواكب، بينما الحكومة مطالبة بأن تلتقط إشارات الإنذار قبل فوات الأوان.
تعليقات
0