Advertisement
Advertisement

حين تتكلم الصحراء عن الماء… من العيون يبداً الوعي..

رضوان منفلوطي الأحد 26 أكتوبر 2025 - 17:18

في مدينة العيون، حين يهب نسيم الصحراء في الصباح الباكر، يختلط وهج الشمس بلمعان السراب، وتُدرك أن الحديث عن الماء هنا ليس مجرد نقاش علمي… بل حكاية حياة تُروى بنبض الأرض وحرارة الوعي.

هنا، حيث تمتد الرمال إلى الأفق، ويمتد الأمل في صدور الناس، التأم العشرات من الباحثين والفاعلين والطلبة والجمعويين، ليقولوا بصوت واحد: الماء… ليس ملكًا لأحد، إنه مسؤولية الجميع.

افتتاح يشبه الربيع في قلب الخريف

على منصة منتدى الجنوب لتدبير الماء والتنمية الترابية، جلست الأستاذة نورة الركيبي تفتتح اللقاء بكلمات دافئة كقطرات ندى فوق أرض عطشى. من حولها وجوه أضاءها الحماس، وأصواتٌ مؤمنة بأن التحدي البيئي ليس رفاهًا فكريًا بل معركة وعي وطنية.

كانت زهور حاليم، رئيسة ائتلاف المجتمع المدني للترافع عن الشأن العام، من بين الأصوات التي تميّزت بحضورها الإنساني والفكري.

قالت بنبرة واثقة: “الماء حياة، وحين نحسن تدبيره، فنحن نستثمر في الحياة نفسها.”

عبارة بسيطة، لكنها حملت فلسفة كاملة عن معنى أن تكون مواطنًا مسؤولًا في زمن العطش.

في الورشات… الماء يُعلّم الإنسان

في اليوم الثاني، تحوّلت قاعات المنتدى إلى خلية فكرية نابضة. هنا خبير يتحدث عن الزراعة الذكية التي تصون الماء بدل أن تستهلكه، وهناك أستاذ يشرح كيف يمكن للتربية البيئية أن تصنع أجيالًا تعرف قيمة القطرة كما تعرف قيمة الوطن.

في ركن آخر، كانت زهور حاليم تؤطر ورشة عن “دور المجتمع المدني في الحفاظ على الأمن المائي”، لتؤكد أن الوعي يبدأ من الفعل، وأن كل مبادرة محلية، مهما بدت صغيرة، قادرة على أن تصنع الفرق حين تتراكم الجهود وتلتقي الإرادات.

من النقاش إلى الرؤية

ثم جاء اليوم الثالث، يوم الحصاد الفكري، وقف الدكتور عبد العالي الطاهري ليعرض استراتيجية المغرب في مواجهة خطر نذرة المياه، واضعًا الأرقام في خدمة الرؤية. بينما تناول الباحث مراد الدربالي بجرأة موضوع القوانين المائية، متحدثًا عن الحاجة إلى شرطة ماء فعّالة، وعن ضرورة إشراك المجتمع في حماية هذا المورد الحيوي.

تبادل الحاضرون الأفكار كما يتبادل الناس الماء في مواسم القحط، بإيمانٍ أن الفكرة الصافية لا تقل نُبلاً عن القطرة النقية.

الماء… مرآة الحضارة

حين اختُتم المنتدى بكلمة الأستاذة نورة الركيبي، كان الشعور السائد في القاعة أن الأمر تجاوز النقاش العلمي إلى رحلة وعي.

فالماء ليس مجرد مادة شفافة تسري في الأنابيب؛ إنه مرآة الحضارة التي تعكس كيف نحيا، وكيف نحترم الأرض، وكيف نفكر في من سيأتي بعدنا.

لقد بعثت العيون برسالة من عمق الصحراء إلى كل ربوع المغرب:

إن الحفاظ على الماء هو أن نحافظ على معنى الحياة نفسه،

وأن المسيرة الخضراء التي انطلقت قبل خمسين سنة ما زالت مستمرة،

لكنها اليوم مسيرة زرقاء… نحو وعي بيئي جديد..

Advertisement
تابعوا آخر الأخبار من قالب الفابريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من قالب الفابريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من قالب الفابريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الإثنين 27 أكتوبر 2025 - 19:03

ورشات توجيهية للشباب حول التسجيل في اللوائح الانتخابية ضمن الأيام التواصلية تحت شعار: “من أجل مشاركة سياسية دامجة للمرأة في أفق تحقيق المناصفة”

الأحد 26 أكتوبر 2025 - 17:41

ورشات الكوتشينغ للشباب بسطات.. مبادرة لتعزيز المهارات وتنمية الذات

السبت 25 أكتوبر 2025 - 20:38

عرس مراكشي أصيل يحيي الطقوس المغربية في أبهى صورها

السبت 25 أكتوبر 2025 - 13:29

الزميل عصام الدين بوتشان ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً من جامعة ابن زهر