
في الوقت الذي تتزين فيه التقارير الرسمية بشعارات التنمية والنهضة المحلية، تصرخ مدينة سطات بلسان حال أحيائها المهمشة، وشبابها العاطل، وبناياتها العشوائية. وبين هذا وذاك، يبرز سؤال جوهري: هل تسير سطات فعلًا على سكة التنمية، أم أن الواقع يشي بانفلات عمراني وفشل في تنزيل أبسط برامج العدالة المجالية؟
توسع عمراني بلا رؤية؟
في السنوات الأخيرة، شهدت مدينة سطات توسعًا عمرانيا ملحوظًا، لكنّ هذا التوسع غالبًا ما تم دون مراعاة لمخططات التهيئة أو متطلبات التنمية المستدامة. أراضٍ تُباع بالمضاربات، وأحياء تُقام دون أدنى تصور مسبق للخدمات الأساسية. مشاريع سكنية تنبت كالفطر، بينما تبقى الأسئلة عالقة حول خلفيات منح رخص التعمير ومدى قانونيتها.

يؤكد أحد المهندسين المتقاعدين من قسم التعمير:
“ما نراه في بعض مناطق المدينة هو أشبه بفوضى عمرانية، تُشرعنها رخص استثنائية تُمنح تحت الطاولة، وتحركها أيادٍ خفية تستفيد من فراغ المراقبة.”
أحياء تعيش التهميش داخل المدينة؟
أحياء مثل القطب الحضري الجديد، تجزئة الاتصالات حي المفتاح الخير، مجمع الخير، … تعاني من غياب شبه تام للبنية التحتية: طرق غير معبدة، غياب قنوات الصرف الصحي، ضعف في الإنارة العمومية، وانعدام المرافق الترفيهية والثقافية.
فهل يُعقل أن يعيش آلاف السكان في عزلة داخل مدينة تعتبر من أهم المراكز الحضرية بجهة الدار البيضاء سطات؟
أحد ساكني حي مجمع الخير يقول: ” كل ما نطلبه هو ماء صالح للشرب وطريق معبدة… هل هذا كثير؟ “
مؤشرات مقلقة في التعليم والصحة والتشغيل
رغم كل الشعارات الرسمية، تبقى مؤشرات التنمية البشرية في سطات مقلقة. نسبة البطالة مرتفعة، لا سيما بين خريجي الجامعات والمعاهد العليا. المستشفى الإقليمي يعاني من خصاص حاد في الأطر والتجهيزات، والمدارس العمومية في بعض الأحياء تفتقر لأبسط الشروط التربوية.
تُظهر بيانات رسمية أن مدينة سطات تسجل خصاصًا يقارب:
• 40% في عدد الأطباء مقارنة بالمعايير الوطنية.
• اكتظاظًا يصل إلى 60 تلميذًا في القسم ببعض المدارس الابتدائية.
لوبيات العقار.. ورخص مشبوهة في الظل؟
ربما يكون الوجه الأخطر لهذا المشهد هو صمت السلطات عن تغوّل لوبيات العقار، التي تحكم قبضتها على مسارات الاستثمار والبناء، مستفيدة من صفقات مشبوهة ورخص استثنائية تُمنح في ظروف غامضة.
مصدر من داخل المجلس الجماعي –فضل عدم الكشف عن هويته– كشف:
“هناك تواطؤات صريحة بين بعض المنتخبين ومضاربين عقاريين، والنتيجة هي مشاريع إسمنتية بدون روح، تبتلع الأراضي وتقصي الفئات الهشة.”
أين الخلل؟ من يراقب؟ ومن يحاسب؟
ما بين وعود المسؤولين، وصمت بعض المنتخبين، وارتباك مشاريع التنمية البشرية، تبقى الحقيقة أن سطات تعيش أزمة في التخطيط والإنصاف المجالي، وأن المواطن السطاتي هو المتضرر الأول من كل هذا.
فهل تتحرك الجهات الوصية؟ وهل تفتح السلطات القضائية والإدارية ملفات التعمير والاستثمار للتحقيق والمساءلة؟
أم أن الوضع سيبقى كما هو… إلى إشعار آخر؟




تعليقات
0