سيدي رحال الشاطئ.. دورة أكتوبر تفتح صفحة جديدة في التدبير المحلي

في مدينة تعرف نمواً عمرانياً متسارعاً وضغطاً اجتماعياً متزايداً، انعقدت دورة أكتوبر العادية للمجلس الجماعي لسيدي رحال الشاطئ برئاسة السيد عبد العالي العلوي وبحضور باشا المدينة السيد نور الدين المحروس. دورة لم تكن عابرة، بل جاءت كاشفة لملامح استراتيجية محلية تسعى إلى الموازنة بين تحديات الواقع وطموحات المستقبل.

ميزانية 2026.. أرقام تكشف الأولويات

حين صادق المجلس على ميزانية 2026، لم تكن الأرقام مجرد اعتمادات مالية، بل رسائل سياسية وتنموية واضحة. فقد رُصد مبلغ 9,3 مليون درهم لاقتناء الأراضي ضمن مشاريع إعادة الهيكلة، وهو ما يعكس رغبة المكتب المسير في تجاوز “عقدة العقار” التي شكلت عائقاً أمام استكمال مشروع “مول لعلام”.
كما وضعت الجماعة نصب أعينها تحسين المشهد العمراني والحد من الفوارق الترابية عبر تخصيص 13,03 مليون درهم لتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز. هذه الأرقام تكشف عن توجه استراتيجي يتجاوز التدبير اليومي إلى رؤية بعيدة المدى قوامها العدالة المجالية وجودة العيش.

بين البيئة والخدمات.. توزيع مدروس للاعتمادات

في ظل ما تعانيه المدينة من ضغط على بنيتها التحتية، بدا لافتاً تخصيص 700 ألف درهم للمناطق الخضراء، بما يؤكد أن الجماعة لم تُغفل البعد البيئي في معادلة التنمية. إلى جانب ذلك، تم رصد اعتمادات للإشارات الطرقية وصيانة الكورنيش والمركبات الرياضية والطرق الحضرية، وهي تفاصيل صغيرة في ظاهرها لكنها تعكس وعياً بضرورة معالجة “المعيش اليومي” للساكنة وزوار المدينة.

ملفات اجتماعية.. التعليم الأولي والسوق الأسبوعي

لم يقتصر النقاش على البنية المادية، بل شمل أيضاً قضايا ذات بعد اجتماعي مباشر. فقد صادق المجلس على تعديل اتفاقية تدبير فضاء التعليم الأولي، في إشارة إلى اهتمامه بمستقبل الأجيال الناشئة، كما ناقش ملف السوق الأسبوعي المجاور للملعب الجماعي، حيث برزت إرادة لتسوية وضعيته القانونية والعقارية وتحويله إلى فضاء منظم يحترم معايير التجارة العصرية.
هذا التوجه يعكس وعياً بأن التنمية لا تختزل في الطرق والأرصفة فقط، بل في تحسين البنيات التي تحتضن الحياة الاقتصادية والاجتماعية للساكنة.

الكهرباء والماء.. رهانات التوسع العمراني

في مدينة آخذة في التوسع، يمثل توفير الماء والكهرباء تحدياً أساسياً. من هنا جاء تخصيص 1,2 مليون درهم لتقوية شبكة الكهرباء عبر الأعمدة والأسلاك، مع فتح نقاش جاد حول توسيع شبكة الماء الصالح للشرب. وهي خطوات تستبق أزمة محتملة، وتدل على أن المكتب المسير يقرأ مؤشرات المستقبل ويهيئ لها الحلول قبل أن تتحول إلى اختناق.

صوت من داخل المجلس

وفي تصريح لـ”الصحيفة”، قال نائب رئيس المجلس الجماعي:
“لقد حاولنا في هذه الميزانية أن نوازن بين حاجيات استعجالية كتهيئة الأحياء الناقصة التجهيز، وبين مشاريع استراتيجية تعطي للمدينة نفساً جديداً. صحيح أن الإكراهات المالية والعقارية قائمة، لكننا نراهن على التعاون مع مختلف الشركاء حتى تخرج هذه المشاريع إلى حيز التنفيذ. التحدي الأكبر اليوم ليس اتخاذ القرار، بل ضمان سرعة ونجاعة التنفيذ.”

قراءة استقصائية.. بين الرغبة والقدرة على التنفيذ

ما يميز هذه الدورة أن القرارات لم تأتِ كشعارات أو وعود فضفاضة، بل كبرامج مدعومة بالأرقام والاعتمادات. غير أن السؤال الاستقصائي المشروع يبقى: هل ستتحول هذه القرارات إلى إنجازات ملموسة بالسرعة والنجاعة المطلوبة؟ هنا يُختبر مدى قدرة المكتب المسير على تفعيل الاتفاقيات، وحشد الشركاء، وضبط إيقاع التنفيذ.
لكن بالمقابل، لا يمكن إنكار أن الرئيس عبد العالي العلوي وفريقه قدموا إشارات إيجابية قوية، سواء في توزيع الميزانية أو في طرح قضايا حساسة مثل العقار والسوق الأسبوعي والتعليم الأولي.

دورة أكتوبر لم تكن مجرد محطة إدارية روتينية، بل جسدت إرادة جماعية لفتح صفحة جديدة في تدبير الشأن المحلي بسيدي رحال الشاطئ. وإذا كان نجاح هذه المشاريع رهيناً بجدية التنفيذ وتعاون مختلف المتدخلين، فإن المؤشرات الأولية توحي بأن المدينة مقبلة على دينامية تنموية قادرة على الارتقاء بمستواها الحضري والاجتماعي