من العيون الساقية الحمراء… تتجدد رسالة الوطن في الحفاظ على الحياة

في قلب الصحراء المغربية، حيث امتزجت الرمال بوهج المسيرة الخضراء قبل نصف قرن، عاد صدى الروح الوطنية ليتجلى هذه المرة في مسيرة جديدة من نوع آخر…
مسيرة نحو الوعي البيئي وحماية الماء، قادها اليوم منتدى الجنوب لتدبير الماء والتنمية الترابية، الذي افتتحت فعالياته بجهة العيون الساقية الحمراء، تحت شعار دالّ ومعبّر:
“الحفاظ على الماء… وعي وإنقاذ”.
المنتدى، الذي نظم بشراكة بين جمعية العيون لحماية البيئة وائتلاف المجتمع المدني من أجل الترافع عن الشأن العام برئاسة السيدة زهور حاليم، شكّل أكثر من مجرد لقاء بيئي. لقد كان موعدًا للتفكير الجماعي في مصير الثروة المائية، واستحضارًا لقيم المسيرة الخضراء التي وحدت المغاربة حول مشروع وطني كبير.

وعي بيئي… بعمق وطني
في كلمتها خلال افتتاح المنتدى، وقفت السيدة زهور عند جوهر العلاقة بين المواطنة والتنمية، مؤكدة أن “الحفاظ على الماء ليس فقط مسؤولية تقنية أو حكومية، بل هو فعل وطني بامتياز، يترجم انتماءنا لهذا الوطن الذي علّمنا أن نُحوّل الأزمات إلى فرص، والمخاطر إلى وعي جماعي”.
ومن قلب قاعة الندوات التي امتلأت بحضور فاعلين وخبراء ومنتخبين وشباب، خيّم شعور خاص بالانتماء والالتزام، وكأن الحاضرين يعيشون لحظة رمزية تربط بين ذاكرة المسيرة الخضراء وروح التحدي البيئي التي تواجهها الأجيال الجديدة.
الماء… قضية حياة وعدالة مجالية
تداول المشاركون في اليوم الأول من المنتدى عدة مداخلات همّت تدبير الموارد المائية في الجهات الجنوبية، وسبل تعزيز العدالة المائية عبر سياسات ترابية تراعي التغيرات المناخية والحاجيات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.
كما تم التأكيد على ضرورة الابتكار في أساليب تدبير الماء، واعتماد مقاربات تشاركية تدمج المجتمع المدني في صنع القرار المحلي، مع الدعوة إلى إطلاق حملات توعوية مستمرة حول الاستهلاك المسؤول للماء، باعتباره ثروة وطنية مشتركة.

من المسيرة الخضراء إلى المسيرة الزرقاء
في لحظة تأمل، بدا واضحًا أن هذا المنتدى لم يكن مجرد حدث تقني أو بيئي، بل امتداد طبيعي لرسالة المسيرة الخضراء… تلك التي حملت غصن الزيتون بيد، والمصحف بيد أخرى، نحو الوحدة والسيادة، واليوم تُلهم جيلًا جديدًا يسير نحو الوحدة من أجل حماية الحياة.
إنها المسيرة الزرقاء — مسيرة الحفاظ على الماء، رمز الحياة والاستمرارية، التي انطلقت من العيون لتعلن أن التنمية الحقيقية تبدأ من الوعي، وأن المواطنة ليست فقط دفاعًا عن الأرض، بل أيضًا عن ما تحتها وفوقها.
ختام اليوم الأول… بداية مسار جديد
اختُتم اليوم الأول من منتدى الجنوب بتوصيات تؤكد على ضرورة إدماج البعد البيئي في كل السياسات الترابية، وتثمين الدور الريادي الذي تلعبه الجمعيات والهيئات المدنية في ترسيخ ثقافة الاستدامة.
ومن العيون، قلب الجنوب النابض، صدحت الأصوات مجددًا بنفس الإيمان الذي وحّد المغاربة في المسيرة الخضراء:
الوطن يُبنى بالوعي… ويُصان بالماء.




تعليقات
0