في مشهد يعكس روح التضامن والمسؤولية الجماعية، تحولت شوارع مدينة برشيد صباح اليوم إلى محاور لحركة دؤوبة لشاحنات صهريجية، جندها المجلس الجماعي لبرشيد لتزويد المؤسسات الحيوية بالماء الصالح للشرب، بعد الانقطاع المفاجئ الذي طال الإقليم إثر عطب تقني كبير في القناة الرئيسية للتزود انطلاقاً من سد الدورات.
هذا التحرك الاستعجالي شمل في مرحلته الأولى عدداً من المؤسسات الحساسة، من بينها السجن المحلي ببرشيد ومستشفى الأمراض العقلية والنفسية ومراكز تصفية الدم، إلى جانب مؤسسات تعليمية تضررت بشكل مباشر من الأزمة، في انتظار تعميم العملية على باقي الأحياء والمرافق المتأثرة خلال الساعات المقبلة.
وعاينت جريدة الألباب 360 أجواء تعبئة ميدانية مكثفة، حيث تفاعل المواطنون بإيجابية مع تدخلات الفرق التقنية التي تسهر على تأمين المياه مؤقتاً، في وقت عبّر فيه عدد من السكان عن قلقهم من تداعيات الانقطاع، مؤكدين في تصريحات للجريدة أن “مثل هذه المبادرات السريعة تخفف من المعاناة اليومية وتؤكد حضور السلطات المحلية والمجلس في الميدان”.
وفي سياق متابعة الملف، اتصلت جريدة الألباب 360 بالسيد محمد القباج، مدير المديرية الإقليمية للشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات ببرشيد، الذي أوضح أن الأشغال تسير بوتيرة مكثفة وعلى مدار الساعة لإصلاح العطب في أقرب وقت ممكن، مشيراً إلى أن المديرية جندت أطقمها التقنية والإدارية للعمل ليل نهار من أجل التوصل إلى إصلاح جذري ونهائي يضمن استقرار التزويد بالماء الصالح للشرب.
وأكد القباج أن الشركة تتابع الوضع عن كثب بتنسيق مع مختلف المتدخلين، وأن فرق المراقبة الميدانية “تعمل بشكل متواصل لضمان استعادة التزويد الطبيعي في أقرب الآجال الممكنة”.
وتبقى هذه الأزمة، رغم طابعها الطارئ، مناسبة لإبراز الجهود الجماعية وروح المسؤولية المشتركة بين مختلف الأطراف المعنية، من مجلس جماعي وسلطات محلية ومصالح الشركة الجهوية، في سبيل تأمين خدمة حيوية تمس الحياة اليومية للمواطنين.
قراءة تحليلية: نحو مقاربة مستدامة لتدبير الأزمات المائية
تسلط هذه الواقعة الضوء على أهمية تعزيز حكامة تدبير الموارد المائية في المدن المغربية، خاصة في ظل الضغوط المناخية وتزايد الطلب على الماء. فالأحداث الطارئة مثل الأعطاب التقنية أو الانقطاعات المفاجئة، تكشف الحاجة إلى خطط استباقية وتنسيق مؤسساتي فعال يضمن سرعة التدخل واستمرارية الخدمات الحيوية.
كما تؤكد هذه الأزمة أن تدبير الماء لم يعد مجرد خدمة تقنية، بل قضية استراتيجية ترتبط بالأمن المائي والاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، وهو ما يستدعي انخراطاً أكبر للجماعات الترابية، والمؤسسات الجهوية، والمجتمع المدني، في بناء رؤية متكاملة ومستدامة لإدارة الأزمات وتفادي تكرارها.
تعليقات
0