
في زمن السرعة الرقمية و”اللايكات” المتلهفة، يبدو أنّ الزلات اللسانية أصبحت وقودًا جاهزًا لإشعال معارك افتراضية. آخر هذه القصص، بطلتها الزميلة سناء رحيمي، مقدمة النشرات الإخبارية بالقناة الثانية، التي وجدت نفسها في قلب عاصفة إلكترونية بعدما نطقت، تحت ضغط البث المباشر، بعبارة “عيد الشباب الـ72” بدل الـ62، قبل أن تعود وتصحح الأمر في نفس النشرة. فتحوّلت زلة لسانها في نشرة الأخبار إلى مادة دسمة للهجوم والانتقاد، متجاهلين جهدها المهني الذي لا يُنكر. فهل أصبحنا نبحث عن الأخطاء أكثر من الحقائق؟

خطأ بسيط؟ نعم. أمر متعمَّد؟ قطعًا لا. ومع ذلك، تحوّلت الحادثة إلى ما يشبه “قضية رأي عام” في بعض صفحات فيسبوك وحتى مواقع إلكترونية يفترض فيها المهنية.
ما نسيه كثيرون، وربما تغاضوا عنه عمدًا، أن البث المباشر للإخبار ليس نزهة، وأن ضغط اللحظة قد أربك قبلاً أسماءً إعلامية مرموقة في المغرب وخارجه، من نجوم القناة الثانية القدامى إلى إعلاميين في كبريات القنوات العالمية.

والأغرب أنّ سناء رحيمي، التي اختارت أن تتحمل مسؤولية إعداد وتقديم أكثر من نشرة في فترة تزامنت مع عطل زملائها، بدل أن تحظى بتقدير هذا الجهد التطوعي، وجدت نفسها هدفًا لحملة افتراضية بلا هوادة.
الصحافة، قبل كل شيء، مهنة تضامن وأخلاقيات. والأكيد أنّ النقد مطلوب ومشروع، لكن عندما يتحول إلى تصيّد للأخطاء الصغيرة، نكون قد انزلقنا من دورنا النبيل في تنوير الرأي العام إلى مجرد صدى لمواقع الإثارة والسبق الرخيص.
ربما حان الوقت لنعيد ترتيب البوصلة: الإعلاميون بشر، يخطئون، ويصححون، ويستحقون التقدير قبل أن نُطلق عليهم رصاص الكلمات.
تعليقات
0