
ليس من السهل أن تكتب عن رجل أمن ترك أثراً عميقاً في محيطه، فالكلمات غالباً ما تعجز عن ملامسة حقيقة الميدان. لكن في حالة الدكتور محمد الحساني، يصبح الكلام شهادة واجبة في حق شخصية استثنائية استطاعت أن تجسد، وبأدق تفاصيلها، صورة رجل الدولة النزيه والميداني.
من يعرف الحساني عن قرب يدرك أنه لم يختر الطريق السهل. فاختياره مواجهة ملفات عصيبة مثل محاربة العصابات وتجار المخدرات لم يكن مجرد تنفيذ لتعليمات، بل كان إيماناً عميقاً بأن الأمن ليس وظيفة تدر دخلاً، بل رسالة وطنية لا تقبل المساومة. لذلك لم يكن غريباً أن يقود أهم التحديات الأمنية في برشيد، وأن يسهم، رفقة طاقم أمني كفء، في إعادة الاعتبار لمدينة الدروة ونواحيها عبر عمليات تطهير ميدانية أحدثت صدى واسعاً.

ما يميز الحساني هو تلك القدرة النادرة على الجمع بين الحزم والإنسانية. فهو صارم حين يتعلق الأمر بتطبيق القانون، لكنه إنسان قريب من الناس، يلتقط إشارات قلقهم ويترجمها إلى حلول عملية. هذه الثنائية هي سر احترامه بين زملائه وتقدير الساكنة له، حتى أصبح اسمه في برشيد مرادفاً للثقة والطمأنينة.
الترقية التي نالها مؤخراً من طرف المديرية العامة للأمن الوطني لم تكن هدية مجانية، بل اعتراف رسمي بما أنجزه من بصمات لا تمحى. والواقع أن هذا التتويج لم يضف شيئاً إلى قيمته في عيون المواطنين، بقدر ما عزز قناعة راسخة بأن المؤسسات تعرف كيف تميز بين من يؤدي الواجب بشكل روتيني، وبين من يضحي ويبدع ويقود.

في زمن تتعدد فيه التحديات، يظل نموذج الحساني دليلاً على أن المغرب يزخر برجال ميدان لا يبيعون الوهم، بل يصنعون الفرق على الأرض. رجال لا يحتاجون إلى ضجيج أو شعارات، لأن عملهم وحده كافٍ ليتحدث عنهم.
إننا حين نتحدث عن الدكتور محمد الحساني، فإننا لا نصف شخصاً فقط، بل نصف فلسفة أمنية جديدة قوامها النزاهة، الجرأة، والالتزام. فلسفة تجعل من رجل الأمن شريكاً في التنمية، لا مجرد منفذ للقانون. وربما هذا بالضبط ما تحتاجه مدننا اليوم: رجال يثبتون أن الأمن الحقيقي هو حماية الكرامة قبل حماية الشوارع




تعليقات
0